الأحد 03 سبتمبر 2023 الساعة 04:20 م

مقالات وآراء

المنهج أولاً

حجم الخط

بقلم: أ.د يوسف رزقة

ما وقع لتقرير غولدستون بأمر محمود عباس كان خطيئة، وفي نظر البعض  جريمة، وفي نظر آخرين خيانة لدماء الشهداء وللمسئولية.

ونحن نقول بغض النظر عن الأوصاف التي يمكن أن تنسب إلى القرار أو إلى المسئولين عنه، يبقى السؤال الأهم هو الإصلاح.

كيف نصلح الخلل؟ وما الذي يجب أن نصلحه؟ هل المطلوب إصلاح الخطيئة نفسها أم المطلوب إصلاح المنهج الذي سبب الخطيئة؟

قرار إنقاذ (إسرائيل) من تقرير غولدستون ليس الخطيئة الأولى ولن تكون الأخيرة!! أوسلو نفسها خطيئة!! التنسيق الأمني خطيئة وجريمة!! الشعب كله بفصائله ومستقليه يرفضون التنسيق الأمني. عباس وحده يتمسك بالتنسيق الأمني. اعتقال المقاومين ووصف المقاومة بالعبثية خطيئة واستخفاف بالإرادة الشعبية الضمنية، والتفرد بالقرار والديكتاتورية خطيئة. الاستخفاف بالمشاعر الشعبية الوطنية خطيئة. إصلاح خطيئة غولدستون لا يعني الوصول إلى إيدز التفكير والمنهج الذي أنتج هذه الخطيئة وغيرها من الخطايا. المشكلة إذن في المنهج. المشكلة في مصنع الخطايا والذنوب. محمود عباس لا يقرّ بهذا الإصلاح إذن سيتعثر. أولى خطوات الإصلاح الإقرار بالمرض، الإقرار بخطأ المنهج، الإقرار بخطأ المنهج يفتح الباب على الإصلاح.

الفصائل كلها إضافة إلى المستقلين يقولون العار في المنهج المنتج للأفعال. القول يتسلسل: أين المؤسسة الناظمة للقرار الفلسطيني؟! ثمة أسماء لمؤسسات كالسلطة والحكومة والمركزية واللجنة التنفيذية والمجلس الثوري ولكنها أشكال فاقدة غالباً للجوهر، هي أشكال لتمرير قرار الفرد. فتح تقول ليست مسئولة عن القرار. اللجنة التنفيذية لـ م.ت.ف تتنصل من المسئولية وتدين القرار. حكومة فياض تتنصل من المسئولية. مصر والنظام العربي والجامعة العربية الجميع يتنصل من مسئولية القرار. منْ الذي أخذ القرار؟ صائب عريقات مرتبك، محمود عباس هارب في سفريات خارجية، أو هارب إلى الصمت! منهج التفرد في القرار، منهج 'ما أريكم إلا ما أرى'، منهج التذلل لحكومة الاحتلال، ولإرادة واشنطن، هو إيدز التفكير والسياسة.

منْ يصلح إيدز المنهج والتفكير؟ الأطباء يعالجون إيدز الجنس، ليس هناك متخصصون لإصلاح إيدز المنهج. ايدز المنهج والسياسة مرتبط بالدولار. العدوى تأتي من الخارج. الأذن مبرمجة على موجهة البيت الأبيض، التردد العامودي دولار؟! والتردد الأفقي شريك مفاوضات. منْ يستطيع إصلاح المنهج؟! فتح فقط تستطيع. الضمير الفتحاوي الوطني يستطيع. الرأي العام والوعي الشعبي يمكنه أن يساعد فتح على الإصلاح.

فتح الخاسر الرئيس من إيدز المنهج. نبيل عمرو أشار إلى هذا المرض. مركزية فتح تريد أن تحقق أين يسكن المرض؟! منْ الذي أخذ القرار وكيف؟! الإجابات واضحة، اليسار الفلسطيني أجاب. الحركات الإسلامية أجابت؟ ذوو الضحايا والشهداء والمتضررون أجابوا. منظمات حقوق الإنسان أجابت. ريتشارد فولك، مقرر حقوق الإنسان، أجاب بوضوح، القانوني أنيس محمد قاسم أجاب، فتح مقتنعة بالإجابات، وهي ليست في حاجة إلى لجان تحقيق، كبش الفداء صار من الماضي. فتح خائفة من مواجهة نفسها كل. الأوراق في يد الفرد الذي أخذ القرار. أين فتح؟!