الأحد 03 سبتمبر 2023 الساعة 04:35 م

مقالات وآراء

أرقام بلا معنى

حجم الخط

(75) من كتائب شهداء الأقصى في نابلس والضفة يحتفلون بالعفو عنهم . (إسرائيل) تُسلّم السلطة في الضفة قائمة بالعفو عن (75) مطلوباً لها من شهداء الأقصى . العفو جاء بعد تقديم شهادات (حسن سير وسلوك) . مقاومة المحتل مشاغبة غير مقبولة تستدعي الاغتيال ؟! وقف المقاومة وتسليم السلاح للسلطة يستدعيان العفو ؟! هنيئاً لفتح انطلقت لتطلب بعد فترة عفواً ؟! لماذا انطلقنا للمقاومة وحملنا السلاح ضد الاحتلال ؟! ولماذا نسعد بالعفو ونحتفي به؟!

 

(المقاومة) مقدمة للتحرير وتقرير المصير ، فهل (العفو) عن المقاومين مقدمة أيضاً للتحرير وتقرير المصير ؟! المقاومة طلب للشهادة ، فهل العفو طلب للحياة ؟! العفو لا يمنح أحداً الحياة. الحياة قدر الله وقضاؤه ، فهل حقاً يدرك المحتفون بالعفو فلسفة القضاء والقدر؟!

 

لا أحسب أنه ثمة فرح أو بهجة في خبر عفو (الشاباك) عن (75) مطارداً من كتائب شهداء الأقصى ، بل العكس هو الصحيح . إنه لمن المحزن أن يكون مصير مقاومة فتح في الضفة هذا المصير ؟! هل تمكن الاحتلال من النفوس وزرع فيها اليأس والإحباط وجعلها تلهث خلف العفو طلباً للحياة ، وهي التي انطلقت بإرادة حرة تطلب الحرية للقدس وللوطن وللشعب ؟!

 

ثقافة المقاومة والتحرير غير ثقافة الحياة والسلطة ، فهل استطاعت (إسرائيل) بقوة (الاغتيال والعملاء) ، من غزو ثقافة المقاومة وقتل كرامة المقاومين ؟! إن معادلة الحياة والشهادة في (تدافع دائم) في النفس البشرية ، غير أنه في حالة احتلال (الوطن والدين) تتغلب معادلة الشهادة على الحياة ، وتسمو الأوطان بالشهادة والتضحية هكذا قرأت فلسطين المعادلة قبل سيادة السلطة وقهرها ، وهكذا يقرأها الأحرار في الأوطان المختلفة.

 

لا أعتقد أن المشكلة (الثقافية تكمن في المقاومين وأنفسهم فقد قدموا التضحيات الكثيرة من قبل من أجل (الدين- والوطن) غير أن المشكلة فيما أعتقد تسكن في السلطة نفسها التي رضيت لنفسها أن تكون خنجراً في ظهر المقاومين لحساب ثقافة الاحتلال والاغتيال.

 

حالة الفرح والبهجة في العفو (المزعوم) تسكن قادة السلطة فقط ، ولا أحسبها دخلت إلى قلب المقاوم أو بيته ، لأنه رجل مغلوب على أمره ، قهرته السلطة قبل أن يقهره (الشاباك) والاحتلال.

 

إنه لا قيمة وطنية لخبر العفو عن (75) مطارداً ، ولا قيمة أخلاقية فيه ، وأزعم أنه جزء من حرب واسعة على المستوى النفسي تستهدف إحباط خيارات الشعوب والأمم ، وإن السلطة نفسها شريك في هذه الحرب النفسية المؤلمة لقهر إرادات الرجال .