الأحد 03 سبتمبر 2023 الساعة 04:20 م

مقالات وآراء

الممثل الوحيد في القفص

حجم الخط

بقلم: أ.د يوسف رزقة

 

السؤال الذي يحير المهتمين بالشأن الفلسطيني هو لماذا أصدر محمود عباس أوامره المكتوبة لإبراهيم خريشة بسحب التقرير من جدول أعمال مؤتمر جنيف في اليوم الأخير للمداولات. الخبراء لا يهتمون بالبحث عن المسئول الذي اتخذ (قرار العار) لأنهم يعلمون علم اليقين أنه محمود عباس وليس غيره. مركزية فتح خائفة من وضع النقاط على الحروف، ولكنها غير راضية. عدم الرضى يستوجب الشكر. شكراً. والخوف يستوجب طلب الجرأة والشجاعة. محمود عباس يرأس مركزية فتح كما يرأس اللجنة المركزية التنفيذية. مطلوب من مركزية فتح حتى لا تخسر فتح قواعدها أن تواجه محمود عباس مواجهة حقيقية في جلسة علنية أعضاء اللجنة التنفيذية للمنظمة لا يستطيعون القيام بهذا الدور. مركزية فتح فقط تستطيع. والأسباب معروفة. إذا لم تتم المواجهة سريعاً فستذهب مصداقية مركزية فتح أدراج الرياح. الصمت والتسويف لن يحقق مكسباً لفتح. البحث عن كبش فداء جريمة، كبش الفداء إدانة أخرى. الوعي الفلسطيني اليوم أكبر من كبش الفداء.

 

الفصائل الفلسطينية تطالب بلجنة تحقيق وطنية مستقلة. الطلب في مكانة الصحيح ولديه مبررات كافية. الدماء التي نزفت في الحرب على غزة هي دماء الفصائل ودماء الشعب. دماء الشعب أجدر بالاحترام من ضغوط أميركا ومن أوهام السلام. الفصائل على حق. الخطوة الأولى هي الإعلان عن لجنة شعبية قانونية. البيّنات متوفرة. إيقاف محمود عباس عن عمله هي مهمة المجلس التشريعي. المجلس التشريعي له ولاية على الرئيس. الرئيس عادة يقدم قسم الولاء لله ثم للوطن أمام المجلس التشريعي. ريتشارد فولك يقول عباس قام بخيانة تمثيلية لشعبه؟!.

 

يجدر بمحمود عباس أن يقدم تفسيراً مقنعاً للخطيئة المستنكرة محلياً وعربيا ودولياً. منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية غاضبة من محمود عباس. المنظمات تشعر بصدمة. هل انتهى دور منظمات حقوق الإنسان في فلسطين؟! الخرق يتسع. هل تستطيع مركزية فتح رقع الخرق؟! الاعتذار للشعب أو الاستقالة هي التي يمكن أن ترفع الخرق الواسع؟! الدولار الأمريكي لا يضع القادة. القيادة تصنع نفسها بأعمالها الوطنية؟! الرصاصة الأولى وحرب الكرامة صنعت القيادة لفتح ولأبي عمار. رئيس السلطة وبعض من حوله يتعلقون بالدولار. الدولار له أثمان سياسية. تقرير غولدستون شاهد على استعداد محمود عباس للدفع!!

 

التفسيرات المتداولة عديدة. عباس أصدر أوامره بسحب التقرير لحماية مصالح ابنه الخاص في شركة الهاتف النقال؟! عباس خضع للتهديد بنشر وثائق شراكته بالتضامن مع آخرين في الحرب على غزة ؟! بعض السياسيين قالوا عباس هدد بفتح ملف عرفات وكشف ملابسات اغتياله؟! ليبرمان لديه وثائق، ونتنياهو لديه وثائق، وعباس يلوذ بالصمت! لماذا لا يعلن تحديث لوثائق حكومة الاحتلال؟!

 

الصمت غير مجد له. فتح هي الخاسر الأول والأخير من صمت عباس وعدم تحديه للوثائق الصهيونية. يقال إن صائب عريقات هو الذي أقنع محمود عباس. معلومات من فتح تؤكد مسؤولية عريقات، ومعلومات من فتح تؤكد مسئولية سلام فياض. فياض قال: إذا أيدنا التقرير فسنموت اقتصادياً؟! توزيع فتح المسئوليات تبهيت للمسئولية الأولى والحقيقية؟! المسئولية الأولى تحيط برقبة محمود عباس. العالم والرأي العام يسأل اليوم كيف يتخذ القرار من السلطة؟! القرار في السلطة كأي قرار في الدول العربية، الرئيس هو الأول والأخير. لا أحد في النظام العربي يتخذ قراراً بهذا الحجم غير الرئيس عادة.

 

الشعب الفلسطيني يعيش حالة الصدمة. ذوو الشهداء والمتضررون هم الأكثر إحساساً بالصدمة. الجميع يتحدث عن المستقبل، عن القدس وحق العودة والمستوطنات، والحصار، والمقاومة، الجميع يقول  هل نأتمن من جديد محمود عباس ومن حوله؟ ثمة شك هائل قديم وجديد في قيادة السلطة، قيادة م.ت.ف، هل هؤلاء يمثلون الثوابت والمشاعر الفلسطينية؟ وهل تمثيلهم للشعب يبرر القول بالممثل الشرعي الوحيد؟ الممثل الوحيد في قفص الاتهام. عباس وضع الممثل الوحيد في قفص الاتهام. مَنْ يخرج الممثل الوحيد من القفص؟!