الأربعاء 06 سبتمبر 2023 الساعة 04:20 م

مقالات وآراء

الرؤية الإسرائيلية تجاه الأنظمة الملكية والعراق

حجم الخط

 

تواصل الجهات البحثية والأمنية الإسرائيلية متابعة تطورات "الربيع العربي"، وتنشغل بمستقبل الأنظمة الملكية بدوافع أمنية وسياسية وأكاديمية، زاعمةً أنّ بقاءها مرده تمتعها بشرعية بفضل تساوقها مع القيم الدينية والقبلية التي تميّز الثقافة العربية، إلى جانب عوامل أخرى أهمها الثروة النفطية والمكانة الجيو-سياسية، والدعم الخارجي لها.

 

وتتساءل: هل كان "مبارك" أو "بن علي" سيسقطان بسرعة لو كان بحوزتهما آبار نفط بقيمة مائة مليار دولار؟ مشيرة إلى أنّ السعودية وأنظمة الخليج أنفقت منذ عام 2011 مليارات الدولارات لتمويل إصلاحات تشمل رفع أجور وطرح مبادرات جديدة وفرص عمل بهدف احتواء التمرد.

 

أما بالنسبة للأنظمة الملكية التي لا تملك نفطاً، كالأردن والمغرب، فقد حازتا على دعم مالي وسياسي دولي، وهبات من دول الخليج، دون أن تستبعد هبوب نسائم "الربيع العربي" عليها لتوفر عناصر ومسببات الثورة في دولها، كالفساد والبطالة لدى الشباب.

 

مع العلم أنّ هذه الأنظمة الملكية تعلمت دروس سقوط نظامي بن علي ومبارك في تونس ومصر، حيث سارع النظام الملكي في المغرب مبكراً لإجراء إصلاحات، بينما بادرت السعودية بتوزيع الأموال، أما الأردن فقد بادر الملك بتغيير 3 حكومات ليظهر كأنه يحارب الفساد، متفقة مع سابقها حول دور الدعم الأجنبي، في إشارة إلى أنّ الولايات المتحدة ندمت على عدم حماية مبارك من السقوط، ولذلك فهي تدعم اليوم الأنظمة الملكية.

 

ومع ذلك، فإن التقدير الإسرائيلي السائد أن الخطر ما زال يتربص بالمملكات العربية خاصة في الأردن، رغم جهود الملك في احتواء الغضب بتوزيع الأموال وتوفير فرص العمل، دون أن يوزع الهبات على الشعب، ولم يقلص نسب البطالة، ولذلك يمكن اعتبار ما يجري مسيرة اجتماعية داخلية فحسب، رغم أن مستقبل الأردن حيوي جداً بالنسبة لـ"إسرائيل" وللفلسطينيين، وينعكس على الصراع.

 

في ذات السياق، فإن انشغال مؤسسات إسرائيلية كثيرة بمثل هذه المواضيع جزء من رؤية رسمية ترى "الربيع العربي" تهديداً أمنياً سياسياً، لأنّ "إسرائيل" تجد صعوبة بإيجاد تعبير إيجابي لصعود قوى المجتمع المدني في التغييرات التاريخية التي تعصف بالشعوب العربية، لأن أوساطاً واسعة في "إسرائيل" لا تقلق على مستقبل مسيرة السلام، وتفضل استمرار أنظمة استبدادية في الدول العربية كمبارك والأسد، وتنظر لمحيطها برؤية أمنية بالأساس.

 

وفي إطار هذا الملف الإقليمي، هناك الملف العراقي الذي راح يكتسب أهمية واهتماما كبيرين في الآونة الأخيرة هذا على ضوء التقديرات الاستخباراتية التي قدمتها المؤسسة المركزية للاستخبارات والمهمات الخاصة "الموساد" وكذلك وحدة الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية "أمان".

 

وجاءت التقديرات بتوصية من رئيس الوزراء لمعرفة حقائق الوضع الحالي في العراق، وهل يمكن أن يتطور إلى مستوى التدهور الذي لا رجعة فيه فيما يتعلق بـ:

1-         اندلاع حرب أهلية في العراق لأسباب طائفية وأثنية، بين الشيعة والسنة من جهة، وبين الأكراد والسلطة المركزية.

 

2-         احتمالات تقسيم العراق إلى ثلاث دول على نفس الأساس: دولة الأكراد في منطقة كردستان في الشمال، ودولة السنة في غرب العراق إضافة لمحافظتي صلاح الدين ونينوى، وفي الجنوب دولة الشيعة.

 

وقد أجابت منظومة الاستخبارات الإسرائيلية على استفسارات من رئيس الوزراء ومستشاره للأمن القومي، وتطرقت إلى اللاعبين الرئيسيين في الساحة العراقية، وحددتهم كالآتي:

 

- أولاً: تركيا التي تنشط في شمال العراق وفي غربه، من أجل ضمان نفوذها في هذه المناطق، ولكي تشكل في المستقبل امتدادا لسوريا في حالة حدوث التغيير.

 

- ثانياً: في الجنوب إيران تعزز من وجودها في محافظات الجنوب، لضمان أن تبقى عمقا استراتيجيا لها تستخدمها إذا ما تعرضت لهجمات أمريكية أو غربية، وبمشاركة دول خليجية.

 

وتحدثت المنظومة الاستخباراتية عن لاعبين غير رئيسيين في الساحة العراقية ومنهم: السعودية وقطر والأردن، ويتركز دورها في منطقة غرب العراق حيث تتواجد عشائر لها ارتباطات مع الأردن والسعودية، وقد تسلم "بنيامين نتنياهو" ملفاً حول الوضع الحالي واحتمالات تطوراته المستقبلية من أجل إثارة هذا الموضوع مع الولايات المتحدة والتوصل إلى مشتركات بين الموقفين الأمريكي والإسرائيلي تجاه هذه التطورات.

 

مستشار الأمن القومي "يعقوب عميدرور" يعتزم زيارة واشنطن للتباحث في الموضوع، خاصة في اتخاذ موقف موحد إذا اندلعت حرب أهلية، وتدخلت تركيا وإيران فيها، والتي ستكون لها تداعيات عابرة للحدود تمتد إلى الأردن وإلى دول الجوار الأخرى بما فيها الكويت والسعودية وحتى "إسرائيل".