الإعلام ميدان حرب

نشر 20 مارس 2016 | 09:38

هذا ما صرح به موشيه يعلون وزير الحرب الصهيوني قبل أيام في واشنطن، فيما يتعلق بحديثه عن قناة الأقصى، والتي تفاخر بأنه أغلقها بالتنسيق مع السلطات الفرنسية، كلام يعلون يشير إلى أن دولة الاحتلال تستشعر جيدًا أهمية الإعلام وقدرته على التعبئة وإثارة الجماهير وتوجيهها، وعندما يقول إنه "ميدان حرب"، فهو يقصد أن الحروب لم تعد تعتمد على المواجهة العسكرية التقليدية، لكنها تحتمل أيضا المواجهة الإعلامية. فللكلمة قدرة التأثير على عقول وتوجهات الجماهير، والتأثير يوازي التحكم بالشعوب، وأي جهة تمتلك هذه القدرة، فإن الغلبة حتمًا ستكون لها، وبات من المعلوم أن الإعلام يستطيع السيطرة على الشعوب لأجيال مختلفة، وعلى مدى بعيد من الأزمنة، على خلاف المواجهة العسكرية، التي لا تتجاوز حدود  الزمان والمكان. ولأن الشعب الفلسطيني استطاع أن يبني لنفسه إعلامًا خاصًا به، وذهب إلى أبعد من هذا، فقد ارتقى إلى الإعلام المقاوم، الذي شكل منصتي دفاع وهجوم، وتمكن من إفشال المخططات الإسرائيلية التي حاولت أن تخلق "فلسطينيًا جديدًا" يخضع للاحتلال وثقافته، لكن الكيان تفاجأ بقدرة الإعلام الفلسطيني على تشكيله "للفلسطيني المقاوم" الغيور على وطنه، والذي لا يرتضي بالمهانة؛ الفلسطيني الذي لا ينسى وطنه مهما تعددت الأجيال وتباعدت المسافات. لذلك يعمل الاحتلال بكل أجهزته وقوته، على إنهاء الإعلام الفلسطيني المقاوم، وإبطال مفعوله تارة بالاستهداف المباشر، وتارة أخرى بالتحريض عليه وحجبه من الأقمار الصناعية، إلا أنه أيضًا يفشل في ذلك ولم يستطع أن يفعل شيئا أمام حيوته وعنفوانه، وهذا ما دفع بيعلون أن يقول وهو وزير الحرب الإسرائيلي إنه "لا يستطيع أن يلاحق وسائل الإعلام الفلسطينية المختلفة". الأمر لم ينتهي عند حدود وزير الحرب، بل وصل الأمر بنتنياهو أن يشكر الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند على حجب سلطات بلاده قناة الأقصى، من القمر الاصطناعي الفرنسي "يوتلسات"، وهذا مؤشر واضح، بل اعتراف ضمني أن الإعلام المقاوم تغلب على الإعلام الإسرائيلي، بل تغلب على دولة الاحتلال بما تملك من قوة وبطش، إلا أن قوتها الورقية لم تتحمل مواجهة روح الثورة الجديدة، المتمثلة بانتفاضة القدس. هذا يستدعي تمكين الإعلام الفلسطيني المقاوم، ودعمه بكل الإمكانيات، ومواجهة الاحتلال على كل الجبهات، وألا تبقى المواجهة مقتصرة على السلاح التقليدي، فبإمكاننا هزيمة عدونا بأبسط الأشياء، وما سكين المطبخ، وقناة تلفزيونية صغيرة كقناة الأقصى، إلا شاهدًا حيًا على هذا !